جو اكاديمي ليبرالي
وتجلت هذه السياسة التعليمية في الجو الأكاديمي الليبرالي الذي ساد في الجامعة، حيث كانت المعتقدات والأفكار المختلفة تصرح وتناقش بحرية واسعة داخل غرف التدريس وخارجها. وازدهرت في هذا العهد الجمعيات الطلابية، وفي مقدمتها "العروة الوثقى"، التي كان الطلاب يتدربون فيها على المناقشة الحرة المنتظمة وعلى الأساليب الديمقراطية والتفاعل الفكري والاجتماعي
قسطنطين زريق، سيرة ذاتية غير منشورة
قلت فيما سبق اني انتسبت الى فرع الهندسة إعتماداً على ميلي الى العلوم الرياضية وحيازتي على درجات عالية فيها في دراستي الثانوية، ومضيت قدماً في دروس هذا الفرع معدا نفسي لتعاطي مهنة الهندسة بعد تخرجي. ولكن "صدف" – وهذه "صدفة أخرى في مسار حياتي أن شغر – وأنا في السنة الثانية من دراستي – منصب أستاذ التاريخ العربي في الجامعة، بإستقالة الدكتور فيليب حتي من هذا المنصب وإنتقاله الى جامعة برنستون في الولايات المتحدة الأميركية، فأخذت إدارة الجامعة تبحث عن مرشحين لملء هذا المنصب الشاغر، ولعلي كنت لفت نظر بعض أساتذتي فأدخلوا اسمي في لائحة المرشحين. ولا أزال أذكر أنه في أحد أمسيات خريف عام ١٩٢٦ وأنا أدرس في مكتبة الجامعة جاء المرحوم الدكتور أسد رستم وكنت قد درست عليه مادة التاريخ الحديث في السنة الاولى – ودعاني الى أن نتمشى في أراضي الجامعة، وسألني عن دروسي وأحوالي فشرحتها له، وتدرج في أسئلته الى ميلي الى علم التاريخ، فقلت أن ميلي الأول هو الى الرياضيات ومن بعدها تتساوى عندي الموضوعات الدراسية كلها، وأعلمني عندها بشغور كرسي التاريخ العربي وما إذا كنت أقبل بأن يكون اسمي بين أسماء المرشحين وشجعني على هذا القبول. وقد جاء هذا الاقتراح مفاجئاً لي، لأني لم أكن أفكر مطلقاً في تغيير مساري التعليمي أو المهني، ولذا طلبت مهلة لأفكر في هذا الموضوع ولأستفسر أهلي فيه
قسطنطين زريق، سيرة ذاتية غير منشورة