AUB Libraries Online Exhibits

علاقة المعلوف بمحيطه الثقافي

علاقة المعلوف بمعاصريه من المفكرين

كان المعلوف كريماً في مشاطرة العلماء والباحثين العلم والمعرفة. وكان له علاقات مع كثير من الأدباء والمثقفين والمستشرقين يتبادل معهم المعلومات، وكان شعاره «من كتم علماً ألجم بلجام من نار». ويستطيع الباحث أن يجد في مجموعة رسائله بعض الرسائل التي وجهت إليه تطلب ترجمات نادرة لبعض معاصريه كان قد جمعها بنفسه. ونجد الكثير من الوثائق التي تثبت تعاونه وتبادله المعلومات والكتب والمخطوطات مع معاصريه وتلبيته دعوات لحضور أو إلقاء المحاضرات أو نشر مقالات له في مختلف الصحف المحلية والإقليمية والدولية. ولكنه عانى من بعض الباحثين فقال يصف تجربته مع بعضهم: «لا أكتم القارئ الكريم أن بعض الذين استقوا من موارد خزانتي أو اطلعوا على خلاصة بحوثي وتعاليقي التي صرفت الليالي على جمعها وأذبت دماغي في التنقيب عنها وأعرتهم بعض مخطوطاتي أو مذكراتي قد عبثوا بأدب النقل وجحدوا معرفة الجميل ولم يذكروني بكلمة بل اقتبسوا ما اقتبسوا ونسبوه إليهم ونوهوا بفضلهم المستعار وتبجحوا بأدبهم المستفاد، فلما وقفت على نكران ما مكنتهم من الوقوف عليه تذكرت القول المأثور «إتق شر من أحسنت إليه».[6]

علاقة المعلوف بالجامعة الأميركية في بيروت

كان العلَّامة عيسى إسكندر المعلوف على علاقة وطيدة بالجامعة الأميركية في بيروت من خلال معرفته بأساتذتها واشتراكه بفعالياتها. نجد في مجموعته عدة رسائل من أعضاء الهيئة التعليمية أمثال الأستاذ أسد رستم، وجبر ضومط، وشحادة شحادة، وإبراهيم حوراني، ومنصور جرداق، وقسطنطين زريق، وفيليب حتي، وبولس خولي، والدكتور مصطفى خالدي، والدكتور سامي حداد، يتباحثون مع المعلوف عن كتبه وأوضاعه الشخصية. وكانت الجامعة الأميركية قد أوفدت الأستاذ أسد رستم إلى البقاع لينتقي من مكتبة المعلوف مجموعة مهمة من المخطوطات سنة 1925 لشرائها والتي شكلت نواة هامة لمجموعة الجامعة من المخطوطات العربية. وقد دعي المعلوف عدة مرات إلى الحرم الجامعي لإلقاء المحاضرات، مثل محاضرة «الأسر العربية المشتهرة بالطب في الشرق والغرب وأهم المخطوطات الطبية العربية فيها» ألقاها في المؤتمر الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت في 6 أيار 1925 وطبعت بنفقة الدكتور سامي الحداد في تموز 1935، ثم محاضرة «طب الأسنان عند الأمم القديمة والحديثة»، التي ألقاها في مؤتمر طب الأسنان في مبنى الوست هول في الجامعة يوم 28 تشرين الأول 1932، ثم محاضرة «تاريخ الاسر الشرقية العام» التي ألقاها في جمعية العروة الوثقى الأدبية في الجامعة الأميركية في بيروت يوم الخميس في 23 شباط 1933. كما نُشرت له مقالات عدَّة في مجلة الكلية منها مقالة «الأجازات العلمية في التدريس».[7] وفي سنة 2015 حرصت مكتبات الجامعة الأميركية في بيروت على شراء الخزانة المعلوفية بأكملها من حفيد العلَّامة السيد عيسى إسكندر المعلوف وكان لها شرف الحفاظ على هذا الإرث الثقافي العريق.

علاقته بمكتبته

أحب المعلوف مجموعته بشدة وافتخر بها وبمحتوياتها افتخاراً كبيراً. وكان بالرغم من شغفه بالمساعدة وحرصه على إتاحة هذه المواد للباحثين الذين دوما يقصدونه إلا أنه لم يكن يحب إعارة كتبه لأي كان حتى أنه زين باب مكتبته ببيتين خطهما له نجيب الهواويني وهما:

ألا يا مستعير الكتب دعني                                        فإن إعارتي للكتب عار

ومحبوبي من الدنيا كتاب                                      وهل أبصرت محبوبًا يُعار

 

:وقال أيضًا

لا تعيرن الكتابا                                                 واجعل العذر جوابا

 واحترس دومًا عليه                                              إن في ذاك الصوابا

فإذا خالفت قولي                                                أنت ضيعت الكتابا

ولم يكن المعلوف يرفض إعارة كتبه وحسب، بل لم يكن يسمح لأحد بدخول مكتبته أو ملامسة كتاب من موجوداتها إلا في حضوره. يأتي بنفسه بالمخطوطات ليريها لزواره، وعندما تدخل زوجته حاملة القهوة أو شراب التوت، يستعجل جمع الكتب والمخطوطات من الزوار إلى أن ينتهوا من تناول القهوة. وكان يرتاد المكتبة زوار من مختلف المذاهب والمستويات الإجتماعية والثقافية وكان المعلوف يعامل الجميع بالدماثة ذاتها والتواضع والقواعد الصارمة إياها. وصدف مرة أن أحد مشايخ الجبل أصر على الاحتفاظ بمخطوطة قديمة نادرة في يده أثناء تناول ضيافته فأذعن العلامة إحتراماً لمقام الزائر. وإذا بالشيخ يأتي بحركة خرقاء سكبت القهوة على المخطوطة فما كان من المعلوف إلا أن رفع يده وصفعه صفعة ردد البهو الكبير صداها.[8]

:وفي هذا السياق نستطيع أن نفهم البيات التالية التي كتبها المعلوف ليرسخ تعلقه بمكتبته فأوصى أن يدفن بين كتبه ببيتين من الشعر

   اجعلوا إن مت يوما كفني                 ورق الكتب وقبري المكتبة 

    وادفنوني وادفنوا الكتب معي                 وانشروا الأوراق حول المر

[6] المخطوطات في خزانة كتبي بقلم عيسى إسكندر المعلوف عضو المجامع العلمية في مصر ودمشق وبيروت والبرازيل. ص2

[7] الكلية االمجلد 13 العدد الأول ص. 69-74

[8] ص 21-23  طرابلسي، ف. (1997) صورة الفتى الأحمر: في أيام السلم والحرب شركة رياض الريس للكتب والنشر. بيروت، لبنان