نبذة من أبحاث المعلوف - 2
التذكرة المعلوفية
تشتمل على مباحث هي مطالعات وأفكار مختلفة الموضوعات متلونة المباحث من علمية وأدبية وتاريخية واجتماعية وعمرانية وما يسوق هذه الأبواب من أقوال العرب والإفرنج ترجمةً وإنشاء وجمعاً واختياراً وهي قُرابة عشرة أجزاء.
أما عن أسباب وطريقة تأليف التذكرة يقول كاتب هذه المذكرات وجامعها: «لقد صرفت معظم وقتي منذ أميطت عني التمائم باستطلاع الأخبار والبحث عن التاريخ والأدب والآثار. فحفظت ما حفظت ونسيت ما نسيت. ثم عدت إلى التدوين في أوراق منثورة أولاً، حملني على تشتيتها سفري وبعدي عن بيتي استرزاقاً في أنحاء سورية ولبنان فضاع كثير مما جمعت، فرأيت أن أدون في دفاتر أو كتب مجلدة فحفظت أشياء كثيرة من مجموع ومنسوخ فصار لدي خزانة كتب ملأى بالمطبوعات حافلة بالمخطوطات مما جمعته في أسفاري واستنسخته في أوقات فراغي وصورته بالشمس حفظاً لأصله ولما كنت مدرساً في مدرسة كفتين الأرثوذكسية، من أعمال الكورة لبنان، ومصححاً لمطبوعات المطبعة العثمانية... مرت لي مباحث كثيرة كنت أعدها لمؤلفاتي وللصحف التي كتبت فيها مثل جريدة لبنان والمهذب والعصر الجديد... وأشباهها ولا سيما مجلة الآثار... رأيت من الواجب أن أحفظ تلك المباحث لمن بعدي لعل فيها مايفيد أو ينبه إلى التبسيط في الموضوع وتحسينه فجمعت في هذه «التذكرة المعلوفية» ماحفظ من تلك المقالات مبوبا أبواباً تسهل الاطلاع عليها.
وكانت أبواب التذكرة حسب الأجزاء الستة كما يلي:
في تذاكر العلماء والفنون والتروض واللعب، في المباحث العلمية والأدبية، في المباحث العمرانية والإجتماعية، في النوادر والفكاهات والعادات والأخلاق والفلك والرياضيات، في الانتقاد والأدبين الغربي والشرقي والأوائل (أي أول من عمل شيئا)، في التاريخ والأنساب ومالم يدون في الأبواب الماضية.
التاريخ
تضم مجموعة عيسى طائفةً واسعةً من الكتابات والأُصُول التاريخيَّة، لعلَّ من أبرزها مجموعة كبيرة من المخطوطات التي وضعها عيسى بنفسه، عن سيرة الأمير فخر الدين المعني الثاني. منها على سبيل المثال رسالة من سليمان عز الدين يُؤكِّد فيها درزية المعني، وأنَّه عاش ومات على هذا الدين وليس على دينٍ آخر، ومنها أيضاً مُتفرِّقات نُشرت في مجلة الآثار عن الأمير فخر الدين ومستشاره الحاج كيوان بن عبد الله. ولعلَّ من أبرز ما كتب عيسى من مواضيع تاريخيَّة أيضاً كان تاريخ النُقُود عند العرب والمُسلمين، من ذلك كتابٌ تحدث فيه عن مجموعة النقود الإسلامية التي كانت عند أحمد عزة بك، وتاريخ النقود في الجاهلية وصدر الإسلام. كذلك قد يكون من أطرف ما أرَّخ له عيسى هو تاريخ الزلازل في الديار الشاميَّة، ففي مجموعته عدد من المخطوطات والمُسوَّدات التي تناول فيها هذا الموضوع، منها مُحاضرة قيِّمة عنوانها الزلازل في سورية، ألقاها في ردهة مجمع اللغة العربية بالعادلية في دمشق يوم الجمعة الساعة الثانية بعد الظهر في 11 كانون الثاني 1924.
الأنساب
عمل عيسى المعلوف طوال حياته الطويلة على تاريخ الأسر. وقد اعترف بأنه كان شغوفاً بأصول الأسر منذ نعومة أظفاره. وقد قاده هذا الشغف الى البحث ابتداءً من سنة 1893 عن أصل أسرته، فاكتشف أصلها الغساني اليماني، وتتبع انتشارها في أنحاء المشرق العربي انطلاقاً من حوران.
وجاءت شهرة عيسى إسكندر المعلوف من معرفته الواسعة بالتاريخ والأنساب، وكتب في هذين الميدانين خير كتبه، ويأتي في مقدمة أعماله التاريخية كتاب «دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف» و«الأخبار المدونة في أنساب الأسر الشرقية» قضى في تأليفه سنوات طويلة يجمع مادته العلمية التي بلغت 14 مجلداً، وصدره بمقدمة طويلة عن علم الأنساب وأنواعه والنسابين ومؤلفاتهم، وبين العوامل التي أدت إلى الهجرات واندماج الأسر، ولم يرتب كتابه على أحرف المعجم مثلما فعل السمعاني في كتابه «الأنساب»، بل رتبه ترتيباً زمنياً، وختم الكتاب بمجلد كامل للفهارس، يُمكِّن الباحث من الوصول إلى ما يريد من خلال أسماء الأسر بحسب أصولها وفروعها وبطونها وأفخاذها، أو من خلال أسماء البلدان والمدن والقرى التي سكنها أسلافهم وأعقابهم من بعدهم، أو من خلال أسماء المشهورين من العلماء والأدباء والأعيان.
وكان الدافع لهذه الأبحاث هو اعتقاده بأن تاريخ الوطن هو تاريخ سكانه، ولا يقتصر على البارزين في العلوم والفنون والآداب أو الساسة والزعماء، بل يضم أيضاً الذين اشتهروا «بالأخلاق الطيبة والأعمال الخطرة والصناعات والبسالة والإدارة وطيب الأحدوثة وحسن السلوك».[4]
وامتدت عنايته وشغفه بالتاريخ والحضارة إلى دراسة أحوال العرب قبل الإسلام وبعده، ودراسة الطب العربي، والأسر التي اشتهرت بالاشتغال به، ووضع عدة مؤلفات عن تاريخ لبنان وأسره.[5]
مؤلفاته
ألَّف المعلوف العديد من الكتب بمواضيع شتى، طبع بعضها في حياته وتولى إبنه رياض وحفيده الدكتور فواز طرابلسي نشر قسم آخر ومازال قسم من أبحاثه غير منشور. ومن أهم كتبه المطبوعة: تاريخ الطب عند العرب (1921)؛ وتاريخ المدن اللبنانية والشامية مثل زحلة (1911) ودمشق (1924)؛ وسيرة الحكام مثل الأمير فخر الدين الثاني (1927) والأمير بشير الشهابي (1914)؛ وأنساب عائلات مثل تاريخ الأسر الشرقية، ودواني القطوف في تاريخ بني المعلوف (1908)، والغرر التاريخية في الأسرة اليازجية (1944). كما ألَّف أربع مسرحيات، ثلاث منها عُرضت عام 1893.
المعلوف، ع. (2007). تاريخ الأسر الشرقية. رياض الريس للكتب والنشر بيروت. لبنان.[4]
[5] إسكندر المعلوف.. الصحفي النسابة
اقرأ المزيد في إسلام أون لاين