فصل مقتبس بكامله من كتاب: من أوراق زكي ناصيف الذي صدر عام 2014 |
أحبّ من الرجال من تظهر انفعالاتهم على وجوههم فهم في الغالب صادقون مع أنفسهم ومع الناس لأنهم يظهرون ما يـبطنون |
ولا أحبّ من يبادرني بالتحية صبيحة ليل قضاه في التآمر عليّ |
أحبّ الذين لا يتبدل سلوكهم في حالتي اليسر والعسر |
ولا أحبّ من تظهر عليهم دلائل البطر في حالة الاكتفاء بعد العوز |
أحبّ من الصحفيين الذين يعرفون حدودهم فلا يتدخلون في شؤون الناس وشجونهم ولا يشتمون الناس متذرعين بحريّة إبداء الرأي |
ولا أحبّ منهم الذين ينّصبون أنفسهم وعاظًا ومرشدين وكأنهم أوصياء على عباد الله بدل أن يوفّروا وعظهم وإرشادهم لأنفسهم |
أحبّ المرأة التي كلما زادت مواهبها ازدادت تواضعًا ولطفًا، والتي إن مشت تجلت سلامة الذوق في مشيتها وملبسها |
ولا أحبّ المتبهرجات من النساء خصوصًا اللواتي يتبارين في ارتداء المعاطف الثمينة ولبس الحلى النادرة |
أحبّ الخلاّق من أهل الفن وإن كان مقلاً في عطائه |
ولا أحبّ المقلّد منهم وإن كان مكثارًا في إنتاجه |
أحبّ الكرم إذا كان ضمن مفهوم التعاون |
ولا أحبّه مظهرًا من مظاهر البهورة |
أحبّ أحيانًا أن أسير وألهو دون أن أفكر بشيء |
ولا أحبّ أن أفتعل إنتاجًا فكريًا حين لا يكون لدي ما أقوله |
أحبّ كلما أنتجت لحنًا أن أتلمس فيه نبضات قلبي |
ولا أحبّ إنتاج لحن وأنا تحت وطأة الغيرة من لحن جميل أنتجه سواي |
أحبّ صخب أصوات الباعة في سوق الخضار |
ولا أحبّ صوت البائع المتجول القابع قرب زاوية بيتنا |
أحبّ الأكل على جوع، نقدة نقدة من مائدة غنية بألوان الطعام |
ولا أحبّ القيام عن المائدة شبعانًا |
أحبّ القهوة المرّة مع الهال في الفنجان البداوي |
ولا أحبّها في فناجين المدينة |
أحبّ رغيف الفلافل المليء بالخضار والطحينة |
ولا أحبّ ما يسبب لي حرقة في المعدة |
أحبّ الهلال في أوله |
ولا أحبّه في آخره |
أحبّ أكل البوب كورن وأنا أشاهد فيلمًا من نوع الكاوبوي |
ولا أحبّ الذي يقزقز البزر في المقاعد القريبة مني |
أحبّ استراق السمع إلى أحاديث الأطفال فيما بينهم |
ولا أحبّ الطفل الذي يجيد لفظ الأبجدية بدون لثغ |
وبعد فهنالك أشياء كثيرة أحبّها وأشياء كثيرة لا أحبّها |
وماذا يهم الناس مما أحبّ ومما لست أحبّ؟ |
وبعد أفلا يكفي هذا القدر من التطفل على أذواق الناس بالإفصاح عمّا أحبّ وما لا أحبّ، وماذا يهم الناس من معرفة أفكاري وميولي ما دام هذا لن يغير شيئًا مما تكوّن لديهم عنّي من الانطباعات |
دعوني أفكر في سري تريحوا الناس مما أحبّ ومما لا أحبّ |