الكلمة الترحيبية في حفل تدشين معرض زكي ناصيف
15 آذار/ مارس 2016 في مكتبة الجامعة الأميركية.
حضرة الدكتورة نادية الشيخ ممثلةً اللجنة التنظيمية لاحتفالات الجامعة بعامها المائة والخمسين حضرة الدكتور علي غندور رئيس نادي أصدقاء برنامج زكي ناصيف وعضو مجلس أمناء الجامعة الحضور الكرام أحباء زكي ناصيف، يسعدني أن أرحب بحضوركم الى مناسبة مزدوجة، تجمع ما بين مرور مائة عام على ولادة الفنان المبدع زكي ناصيف وإحتفالات الجامعة في عيدها المائة والخمسين. هذا التطابق في التوقيت يزيد هذه المناسبة زخماً وأهميةً. وكأن زكي ناصيف يعبّر عن إنتمائه حتى في وفاته الى هذا الصرح الكبير والمنهل الذي استقى منه معارفه الموسيقية على أيدي أساتذته في المعهد الموسيقي في الجامعة الأميركية، هذا المعهد الذي كان له أبرز الأثر في إبداعه الذي تجلّى بتطويع الموسيقى الكلاسيكية لتتناسب مع الذائقة الفنية العربية، بالإضافة الى الطابع الشرقي الفولكلوري الذي جعل موسيقاه تدخل دون إستئذان الى قلوب وعقول اللبنانيين عبر مغنيين أمثال وديع الصافي وفيروز وصباح ونصري شمس الدين وسعاد الهاشم وسلوى القطريب وغيرهم. كما كان لتأسيس عصبة الخمسة مع فيلمون وهبة وتوفيق الباشا وعاصي ومنصور الرحباني أثراً بارزاً في شهرته وإنطلاقته المتميزة . لا يمكننا ان ننسى دور زكي ناصيف في تجديد موسيقى الموال والدلعونا والغزيل التي طبعت موسيقاه في المرحلة الذهبية من حياته الفنية التي ابتدأت مع مهرجان الفن الشعبي في إطار مهرجانات بعلبك سنة 1960 وفي نفس الوقت دوره في إنطلاق فرقة الأنوار الفنية للرقص الشعبي التي عززت الفنون الفولكلورية اللبنانية ونشرتها عبر البلدان من عمان والقاهرة والإسكندرية الى قبرص وفيينا وفرانكفورت وباريس وبلاد المهجر. ولم تتوقف مسيرته الموسيقية مع توقف مهرجانات بعلبك والانوار أثناء الحرب اللبنانية بل كان كسائر المبدعين، تشكّل الحروب لديهم مزيداً من الإبداع كجزء من مقاومة العنف والبشاعة.
تلقى زكي ناصيف العديد من الجوائز الفنية، كان أولها جائزة أجمل لحن لأغنية لبنانية من مهرجان الأغنية العربية عام 1960 وكانت من تأليفه وتلحينه مما كرّسه كفنان شامل، يكتب الأغاني ويلحنها ويغنيها. ثم تتالت الجوائز ومبادرات التكريم من الوزارات اللبنانية والجيش اللبناني والتلفزيونات اللبنانية. وقد كانت أبرز المحطات الفنية هي تلحين المغناة الاوبرالية (Cantata) (يا بني أمي عام 1994) التي جمعته بالسيدة فيروز في ألبوم خاص بهما إلى جانب أغنيته الشهيرة التي لحنها أيضاً لفيروز (أهواك بلا أمل).
ونحن اليوم نتذكّر مسيرة حياة مبدع إستمر في العطاء حتى بلوغه الثامنة والثمانين، تاركاً خلفه إرثاً فنياً يزيد عن 1100 عمل موسيقي وفني، قام ورثته بإيداعه في إدارة الأرشيف والمجموعات الخاصة في مكتبة يافث بهدف تمكين الباحثين والأكاديميين من الإستفادة من هذا الإرث الفني للإستمرار في تطوير الموسيقى العربية والفنون بشكل عام.. في فترة ودّع فيها لبنان العظماء أمثال سعيد عقل وصباح ووديع الصافي، عسى ان يستحضر هذا المعرض طيف زكي ناصيف ليكون حاضراً هنا بيننا في أعماله. بسمة شباني / منظمة معرض "مسيرة الإبداع في الموسيقى لدى زكي ناصيف"