التكوين العاطفي 1916 - 1935
ولد زكي شاكر ناصيف في 4 تموز 1916، وهو الأصغر بين أربعة بنين وثلاث بنات، في بلدة مشغرة في البقاع الغربي- أثناء المجاعة التي عصفت بمتصرفية جبل لبنان أثناء الحرب العالمية الاولى . تعرض عام 1918 لمرض الحصبة وأصيب على أثره بقصور في قدمه اليسرى نتج عن خطأ في العلاج الطبي.
مع بداية الانتداب الفرنسي على سوريا ، انتقل مع عائلته وهو بعد طفل في الرابعة من عمره إلى محلة الطيونه في بيروت التي أعلنت عاصمة "دولة لبنان الكبير" عام 1920. ان الفونوغراف الذي جلبه والده إلى منزل العائلة، وهو على الأرجح "الأول في المنطقة آنذاك"، الوسيلة التي تعرف من خلالها زكي ناصيف على أعمال الشيخ سلامة حجازي (1855-1917)، والشيخ يوسف المنيلاوي (1850-1911)، وبعض تقاسيم الناي التركي، وقد تأثر بشكل خاص بأعمال الشيخ سلامة حجازي، وحفظ أول أغنيه له وهو في السادسة من العمر، وهي قصيدة من مسرحية "روميو وجولييت" مطلعها: سلامٌ على حُسْنٍ يدُ الموتِ لم تكنْ/ لِتَمْحوه أو تمحو هواه من القلب، كما تأثّر بالأغاني الشعبية في لبنان وسوريا وبالانشاد الديني الإسلامي.
تعرض لكسر في قدمه اليسرى في عامه الثالث عشر ولم يتسن له تقديم الامتحانات الابتدائية في مدرسة الحي (مدرسة كنيسة مار عبدا) في عين الرمانة- الطيونة. وفيها تعرف على اللغة السريانية بينما كان يرتل بالقداس الماروني. ثم انتقل إلى "مدرسة المخلص"، تحت محلة الناصرة في بيروت، التابعة لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في لبنان ليتابع تعليمه فيها لمدة خمس سنوات، ولحّن النشيد الخاص بها وهو لا يزال يتابع دراسته على مقاعدها. ثم التحق بعدها بالمعهد العلماني المعروف باسم “الليسيه اللاييك” (Lycée Laïque Français) في زقاق البلاط، وتابع تعليمه حتى أكمل المرحلة الثانوية.
بدأ بتعلم العزف على آلة العود بعد أن قدمه له جاره جورج مزهر كهدية، وكان قبل ذلك يغافل أخاه ويعزف على مجوزه ، كما تأثر لاحقًا بالأغاني الشعبية في لبنان وسوريا ترك الدراسة لأسباب صحية ثم شارك في المجموعة الفنية المؤلفة من الموسيقيين الشباب التي أسسها نجيب الشلفون في بيروت. كانت الفرقة تضم ألكسي اللادقاني (1907-1973)، وخليل مكنية (1900-1956)، وزكي ناصيف (غناء وعزف على العود) وكانت تجول على المصايف اللبنانية حيث قدمت أول حفلة لها في بكفيا في صيف 1933 ثم في حمانا في نبع الحصى. ثم انضم إليهم سامي الصيداوي (1915-1994) في حفلات الشمال، إهدن وبشري وحصرون وحدث الجبة. كما انضم إليها عازف العود محيي الدين سلام (1910-1990)، والد نجاح سلام (-1931)، وإيليا بيضا (1908-1977)، الذي تعرف إليه زكي في محل آل بيضا في ساحة البرج. عمل بدوام جزئي في مساعدة والده وإخوته في متجرالعائلة لبيع الجلود (الخام والمدبوغ) في شارع الاوروغواي في وسط بيروت، وظلّ متأرجحًا لغاية 1953 بين التجارة مع إخوته ومتابعة الأنشطة الموسيقية في معهد الموسيقى في الجامعة الأميركية في بيروت.