مقدمة
شهد الشرق العربي حركة ثقافية وإجتماعية دامت من أواخر القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الأولى. وقد تزامنت هذه النهضة العربية مع أحداث داخلية وخارجية عملت على التأثير المباشر أو غير المباشر على الحياة الفكرية، السياسية والإجتماعية في لبنان وسوريا ومصر. ومن العوامل التي أدت للنهضة حركات الإصلاح الإسلامي، الجمعيات والأحزاب السياسية، وسياسة التتريك التي تقتضي جعل اللغة التركية اللغة الأم، وتهميش اللغة العربية تماماً. بالإضافة لإنخراط الوطن العربي وتأثره بشكل كبير بالفكر الأوروبي. والحملات الفرنسية على مصر وبلاد الشام. وقيام محمد علي باشا بإصلاحات كثيرة، فنقل من خلالها المعارف الأوروبية إلى مصر، وأدخلها في حلبة المنافسة في مجالات التقدم العلمي والاجتماعي. وكذلك وصول البعثات التبشيرية الى الشرق فأدت إلى تنشيط الحركة التعليمية والثقافية والاستشراق الذي اتضحت أهدافه المخفية للمثقفين العرب فنهضوا يدافعون عن وطنهم ويشكلون عائقا في وجه الإستعمار ويدافعون عن الهوية العربية. وقد كانت بيروت في تلك الفترة آخذة بالتوسع والإزدهار، فأصبحت مركزا تجاريا وصناعيا يقصده الأوروبيون والسوريون، وأهالي جبل لبنان. كما أصبحت مركزا للقنصليات الأجنبية، والإرساليات التبشيرية والتعليمية من فرنسا وأميركا وإنكلترا. وقد زاد عدد المدارس الأجنبية والوطنية وإزدهرت الصحف الوطنية وتعددت. في هذا الجو النابض بالحياة والحركة والثقافة عاش الشيخ عبد القادر القباني وتفاعل. فكانت للتنشأة العلمية والوطنية التي تلقاها في بيروت، على يد والده مصطفى القباني وثلّة من الوطنيين نذكر منهم الشيخ عبد القادر الخليلي، الشيخ محي الدين اليافي، الشيخ ابراهيم الأحدب، الشيخ يوسف الأسير والمعلم بطرس البستاني، الأثر الأكبر في تكوين شخصيته الإسلامية والوطنية الرائدة. وساهمت هذه الظروف في دفعه لخدمة طائفته من خلال تأسيس جمعية الفنون الإسلامية وإنشاء جريدة ثمرات الفنون وإدارة الأوقاف وتأسيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ومن ثم خدمة وطنه من خلال عمله في عضوية ولواء بيروت وإدارة المعارف ورئاسة بلدية بيروت وتوليه مناصب عدة في سلك القضاء. وكان القبّاني رائدا في عدة مجالات تربوية وإجتماعية وإعمارية. وهو "واحد من الآباء المؤسسين للهوية المدنية البيروتية في معانيها الرحبة والوطنية." ففي الحقل التربوي قام بإنشاء المدارس التي حرص ان تربي الناشئة تربية إسلامية منفتحة. وألف الكتب التي كانت المدارس بحاحة ماسة لها. ويعد من أوائل الدعاة لتعليم المرأة، لأنها دعامة المجتمع فكان يؤمن أن لا تقدم للمجتمع دون تقدم وتطور المرأة فساهم بإنشاء أول مدرستين للبنات لجمعية المقاصد الخيرية. وساعد أيضا على تطوير التعليم المهني فساهم بإنشاء مدرسة الصنايع. وقد كان القباني رائدا في الدعوة للعمل الإجتماعي والتضامن الشعبي مع الدولة فحث في جريدة ثمرات الفنون على الإكتتاب لصالح مشاريع إنمائية وإنسانية. وساعد يوم كان رئيسا للمجلس البلدي بتطوير مدينة بيروت من الناحية العمرانية من خلال بناء برج الساعة والسبيل الحميدي وتحسين العمل البلدي وأداء الموظفين وضبط الإنفاق
Exhibit Curators: Samar Mikati, Shaden Dada.
Acknowledgments: Many thanks go to Dalya Nouh for her support in background research and content development, and to Sara Jawad for her design and technical support.