السياحة البيئية والطبيعية
تُعدّ الطبيعة اللبنانية إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها القطاع السياحي، لما تتمتع به من تنوّع جغرافي وبيئي نادر في منطقة محدودة المساحة. فلبنان يجمع بين السلاسل الجبلية المكلّلة بالثلوج، والسهول الخضراء، والشواطئ الممتدة على طول البحر الأبيض المتوسط، ما يمنح السائح تجربة شمولية تتراوح بين المغامرة والترفيه والاستجمام. وفي فصل الشتاء، تبرز منتجعات التزلج في فاريا والأرز كوجهات رئيسية لعشاق الرياضات الشتوية، حيث باتت هذه المرافق تستقطب الزوار المحليين والدوليين على حدّ سواء، وتساهم في إطالة الموسم السياحي عبر تنويع الأنشطة.
إلى جانب ذلك، يشكّل التنزه البيئي واستكشاف المحميات الطبيعية عامل جذب مهم للسياحة المستدامة. وتأتي محمية أرز الشوف الطبيعية في مقدمة هذه المواقع، إذ تُعدّ الأكبر في لبنان وتضم مساحات شاسعة من غابات الأرز التاريخية، إلى جانب تنوع بيولوجي غني يشمل أنواعًا نادرة من النباتات والحيوانات. كما تحتل الوديان اللبنانية مثل وادي قاديشا – المصنف على لائحة التراث العالمي لليونسكو – مكانة بارزة باعتباره شاهدًا حيًا على التاريخ الديني والرهباني، فضلاً عن كونه وجهة مثالية لعشاق المشي في الطبيعة والتأمل في جمال المناظر الطبيعية.
أما على صعيد المعالم الجيولوجية الفريدة، فتُعتبر مغارة جعيتا من أبرز الوجهات السياحية، إذ تجمع بين روعة التكوينات الكلسية الطبيعية والبُعد الثقافي كأحد المواقع المرشحة سابقًا لتكون ضمن عجائب الدنيا السبع الطبيعية. وتساهم هذه المواقع في إبراز ثراء المشهد الطبيعي اللبناني، حيث يمكن للسائح في يوم واحد الانتقال من تجربة التزلج في الجبال إلى الاسترخاء على الشواطئ أو استكشاف المغارات والوديان.
هذا التنوع الطبيعي لا يقتصر على توفير أنشطة ترفيهية فحسب، بل يفتح المجال أمام لبنان لتطوير سياحة بيئية مستدامة تسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز وعي الزوار بأهمية التنوع البيولوجي. وعليه، فإن الطبيعة اللبنانية تمثل أحد أعمدة الهوية السياحية الوطنية، وأداة استراتيجية لدعم الاقتصاد عبر الجمع بين البعد البيئي والثقافي والاقتصادي في إطار متكامل.



